أخبار الإنترنت
recent

وترجل الفارس عن جواده



 بقلم: جعفر طارش

أمَا وقد ترجل الفارس عن جواده .. و اضطجع في ملحودةٍ أعدّ لها طيلة عقوده التسعين .. لم ينفك مشغولا ومهموماً لإصلاحها لضجعته الابدية .. وقد كان في سرحانه الطويل و تفكره الدائم .. يلفت انتباهك لشروده الحاضر .. فكأنه ليس في دوامة الفلك .. بعيداً عما يدور حوله من كلام الناس .. لا تجده محاوراً ابدا فكأن الامر لا يوليه اهمية .. لا نقاش ولا حوار الا المستقطع من القول .. حاسماً الجولة بابتسامته .. 

له مشاريعه الدائمة الجوّالة .. قد يبدأ في اي لحظه .. فهو دائمُ الاستعداد .. يرفع ثوبه ليبدأ العمل .. لا كلام قبل او بعد .. انطلاقته آنية مبيت النية لأي طارئ .. في المسجد نادرا ما تراه ساكن الاطراف .. قبيل وبعد الصلاة .. حاملا مصحفا او سبحة او دعاء .. يده لم تكل ولم تمل .. اتعجب من حركته العنفوانية .. و دموميته الشابة الفتية .. يعجز الفتيان بعزم صلب و حيوية مستمرة .. في الشارع اينما وجد العمل تراه واقفاً منتظرا لحظة الانقضاض و العطاء .. اتذكره بعد عشرة المحرم الاخيرة في حياته .. اذ وقف على رأسي ومعي بعض الفتية نحاول قلع عمود منغرس في الارض .. وسرعان مابدأ العزيمة فينا تنهزم .. ولكنه أكمل الخطى بعد ان تلاشت علامات النجاح ..

انه المثال الانصع للعمل التطوعي .. اتذكره جيدا وهو يتعاهد المقبرة و المغتسل .. اذ كان القيّم عليها .. واتذكره في عصر ذات مساء حاملا سطل ماء وهو مشمرٌ عن سواعده المرتعشة يسقي الاشجار وكأنه ولد في ريعان الصبى .. صورته فيديو لانها اجمل اللحظات و اصدق صورة لمن همه خدمة الناس بعيدا عن هالة الاعلام و بريق العدسات .

جسدٌ ناحل و قلب فياض بحب المجتمع .. لم يفتر من التعلق بأهل البيت ع .. هو الخادم والمحب والعاشق لهم عليهم السلام..  اسألكم هل حضرتم مأتماً ومناسبة ولم تجدوه ؟! .. لا يخلو منه المأتم كما لم يخلُ قلبه من اسم الحسين ع الذي انصهر هو فيه دائما .. يصدق فيه قول الامير عليه السلام في صعصعة : ( وَأَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَلَقَدْ كُنْتَ خَفِيفَ الْمَؤونَةِ كَثِيرَ الْمَعُونَة ) .. رحل بسرعة وهدوء .. بلا جلبة ولا تكلّف .. كفى نفسه وأهله التعب والنصب .. ونام قرير العين هادئ الجوارح .. ساكن الفؤاد .. لله درك يا ابا علي .. و اثابك الله عن كل نفسٍ من انفاسك الزكية روحاً وريحاناً وجنة نعيم ..







طريق الفضيلة

طريق الفضيلة

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.